تحول ميدان التحرير إلى ''هايد بارك''، تبارت فيه القوى السياسية والحركات الاحتجاجية لشرح رؤيتها وموقفها من التعديلات الدستورية، المقرر إجراء الاستفتاء الشعبي عليها يوم السبت 19 مارس الجاري، فبعد أن توحد رواد الميدان على مدى الأسابيع الستة الماضية نحو هدف واحد هو تغيير النظام، وبناء آخر ديمقراطي جديد، تناقضت الآراء اليوم الجمعة حول التعديلات، فمنهم موافقون عليها وآخرون يعارضونها ويريدون دستوراً جديداً.
وعلى الرغم من حالة التناقض المتواجدة بميدان التحرير إلا أن كل فريق يعبر عن رأيه بمنتهى الحرية دون أي نوع من الاحتكاكات فلكل شخص حرية التعبير دون أية ضغوط حيث ينتشر بميدان التحرير المجموعات منهم من يحاول اقناع الاشخاص بضرورة الاستقرار والموافقة على التعديلات الدستورية ومنهم من لا يرضى لبلده دستور قديم، سقط برحيل الرئيس السابق محمد حسني مبارك، على حد قولهم.
وجوه من كافة التيارات والقوى السياسية كانت دائمة التواجد على مدى أكثر ستة أسابيع بميدان التحرير يأتون من كافة نواحي الجمهورية اختفى معظمهم اليوم استعدادا ليوم الحسم الذي يدلي فيه المصريون برأيهم في التعديلات التي أجريت على الدستور المعمول به منذ سنة 1971.
كما لوحظ اتفاق جميع التيارات والقوى السياسية على أنه في حالة جاءت نتيجة الاستفتاء سواء بالإيجاب أو السلب فإن هذا ما اختاره الشعب المصري دون اللجوء للاعتراضات أو الاعتصامات راضين بالنتائج لأن هذا هو ما اتفق عليه أغلبية الشعب المصري.
وبدأت فعاليات يوم جمعة التحرير قبل صلاة الجمعة بأعداد قليلة قدرت بعدة مئات، حتى وصلت بعد الصلاة الأعداد لنحو 4 آلاف شخص، رغم دعوات عديد من القوى السياسية بتظاهرة مليونية جديدة الجمعة.
ولم يقتصر الأمر على الجدال بشأن التعديلات الدستورية فقط فمن المتواجدين من يرى أن الفساد مازال متواجد بوجود الحزب الوطني وطالبوا بإلغاء نشاطه نهائياً، وإعادة مقاره للدولة وعدم السماح لأعضائه بممارسة الحياة السياسية نهائياً، بالإضافة لضرورة مصادرة جميع الأراضي المسلوبة وإعادتها للدولة.
وشوهد شباباً وشابات يوزعون بيانات وجرائد من أربع صفحات، يشرحون فيها وجهة النظر التي يتبنوها، سواء بالرفض أو القبول بالتعديلات الدستورية.
يقول محمد سمير ''سأصوت بـ (نعم) حتى تستقر الأمور، وتعود حالة الاستقرار للبلد''، مشيراً إلى أن ''التغيير لا يأتي مرة واحدة، وأن التعديلات يفادينا من الاستمرار تحت الحكم العسكري فترة طويلة''.
فيما قالت انجي عادل - كانت ترتدي تي شيرت مكتوب عليه (لا) - ''سأذهب للتصويت غداً بـ (لا)، لأن ما أعرفه أن تغيير النظام وبناء نظام جديد يبدأ بوضع دستور جديد، مشيرة إلى أن الدستور الجديد لن يأخذ وقتاً طويلاً كما يتصور البعض.
ولوحظ في الميدان قلة الاستعدادات لصلاة الجمعة وذلك من حيث عدد المنصات التي كان يتم تجهيزها كل جمعة وعدد السماعات المكبرة للصوت التي كانت تنتشر في أرجاء الميدان مع قلة الهتافات المنظمة بالإضافة الى فقر أيضا في الحركة التجارية من بيع الاعلام والمشروبات وبعض الأطعمة الشعبية، وانتشرت بكثرة اللافتات التي تدعو للتصويت بـ (لا) على التعديلات الدستورية، على اعتبار أنها ''ترقيعاً للدستور الذي سقط بسقوط النظام''.
الأمر الآخر التي تمت ملاحظته، هو غياب الإخوان المسلمين، وبروز أعضاء من الجماعات الإسلامية الأخرى التي تدعو إلى الموافقة على التعديلات الدستورية، وبرر بعض الموجودين في التحرير الغياب الإخواني، على غير عادة تجمعات التحرير، بأنهم يركزون على المدن والقرى خارج القاهرة.
وعملت القوات المسلحة (الشرطة العسكرية)، وعناصر من الشرطة، على تسيير الحركة المرورية، ووجدت السيارات سهولة فب المرور ذهاباً وغياباً في الميدان، على عكس أيام الجمع السابقة، ما يشير إلى العودة التدريجية للحضور الأمني.
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد دعا كافة المواطنين، من يحق لهم التصويت على في الاستفتاء الدستوري، إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع الإدلاء برأيهم أياً كان، حتى تعم الديمقراطية أنحاء مصر، كما طالب جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية سواء كانت عربية أو أجنبية إلى عدم نشر أو إذاعة أية أراء أو تحليلات أو اقتراحات تحمل وجهات نظر خاصة تجاه عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية سواء بالإيجاب أو السلب اعتبارا من منتصف ليل الجمعة وحتى الانتهاء من عملية التصويت مساء السبت.
وأكد المجلس ان هدفه من هذا القرار توفير المناخ الديمقراطي المناسب والوقت الكافي للجماهير لتكوين أراءهم والتعبير عنها بمصداقية وحيادية، كما دعا وسائل الإعلام إلى تشجيع المواطنين للذهاب إلى صناديق الاقتراع وممارسة حق التصويت على الاستفتاء لتعديل مواد الدستور ، وإتاحة حرية التعبير الذاتية للشعب المصري سواء بالموافقة أو الرفض.
وحرص المجلس الأعلى للقوات المسلحة على التواصل مع الشباب عبر صفحته الرئيسية على موقع التواصل العالمي ''فيسبوك'' من خلال وضع العديد من الرسائل، وكان أخرها يدعو الشعب المصري على التصويت في الاستفتاء، مؤكدا أنه شهادة ميلاد لمصر الديمقراطية وأن قبول التعديلات أو رفضها حق مكفول لكل مصري ، وأن الإدلاء بصوتك يحافظ على مكتسبات ثورة 25 يناير.
وشهدت مواقع التواصل العالمي ''فيسبوك'' و''تويتر'' و''يوتيوب''، العديد من مظاهر الدعوات للذهاب إلى صناديق الاقتراع والتصويت في الاستفتاء الدستوري، دعماً للمشاركة السياسية، وأنشأت العديد من المجموعات على فيسبوك ومقاطع الفيديو على يوتيوب وتدوينات على تويتر تدعو المصريين التصويت في الاستفتاء سواء بـ ''نعم'' أو ''لا''، وعمل بعض مستخدمي فيسبوك على تغيير صورة ''البروفيل'' الخاصة بهم، لتعبر عن رأيهم في التعديلات الدستورية.